شاكر عماره
قدر العمليات السرية التعتيم ورسالة المؤرخ صياغة الأحداث التاريخية مثلما حدثت بين تلك رواية غير دقيقة عن فيلم (عماشة في الأدغال) بطولة الفنان (فؤاد المُهندس) مع نُخبة عبقرية من فناني الكوميديا المصرية.
حيث زعمت بيانات أن اللواء (مُحمد أحمد نسيم) الشهير بلقب (قلب الأسد) استغل تصويره كغطاء تمويه ميداني لتنفيذ عملية (الحاج) أو مثلما عرفناها ب(الحفار) ومع أن الفيلم صور في العاصمة الأُوغندية (كمبالا سيتي) عام 1972 لكنهم ربطوا أحداثه بعملية مصرية غير مسبوقة وقعت عام 1970 في ميناء (أبيدجان) بدولة ساحل العاج التي نالت استقلالها من الاستعمار الفرنسي بمُساندة مصر بتاريخ 7 أُغسطس عام 1960.
ولأنه بطل القصة والعملية (( ولد اللواء مُحمد أحمد نسيم في حي الدرب الأحمر عام 1927 وعاش طفولته كُلها بمنزل مُتواضع خلف مسجد المرداني بالمغربلين بعدها انتقل في عُمر 15 عام لحي المُنيرة بالسيدة زينب الذي نشأ وترعرع فيه ، في عام
حقائق إجبارية
في البداية أكشف حقائق بسيطة تجاهلتها صحافة أضرت عن جهل من دون قصد بوقائع تاريخ عملية تُعتبر من بين أهم العمليات السرية المصرية في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي قاطبة.
أولا:
تقع جمهورية أوغندا التي صورت فيها أحداث فيلم (عماشة في الأدغال) في شرق القارة الإفريقية جنوب دولة جنوب السودان الحالية وتسبقنا بساعة واحدة، أما جمهورية ساحل العاج ومدينة (أبيدجان) التي وقعت على أرضها عملية (الحاج) فتقع أقصى غرب القارة الإفريقية على المُحيط الأطلسي مُباشرة وتتأخر عن توقيت القاهرة بساعتين كاملتين.
بمعنى أن كمبالا في الشرق وأبيدجان في الغرب وبينهما ثلاث ساعات فارق في التوقيت أما المسافة الجُغرافية للعمليات بينهما فهي 4106 كيلو متر مع العلم مثلاً أن المسافة بين القاهرة ومدينة دلهي في الهند تبلُغ 4438 كيلو متراً بينما المسافة إلى روسيا وبريطانيا انطلاقاً من مصر فهي أقصر منها كمسافة انطلاقاً من مصر إلى ساحل العاج.
ثانياً:
عملية الحاج طبقاً للرسميات الدقيقة الموثقة حدثت مساء يوم الأحد الموافق الثامن من شهر مارس عام 1970 وفيلم عماشة في الأدغال إخراج مُحمد سالم وتأليف عبد الرحمن شوقي صدر بحفلة عصر الاثنين الموافق 6 نوفمبر عام 1972 بعدما تم تصويره بقرار وزاري خاص للغاية خلال الفترة من شهر يناير حتى نهاية فبراير عام 1972.
كان الهدف الحقيقي من فيلم عماشة في الأدغال سياسي أكثر منه فني حيث حاولت القاهرة التقرُب من
أي أننا – على الأقل – أمام ثلاثة حقائق بارزة بينها واحدة تاريخية موثقة دولياً على مُستوى أجهزة المعلومات العالمية بل أنها مشروحة بتفاصيل دقيقة بالصفحة رقم 434 في سجلات الحرب الخاصة بسلاح البحرية الإسرائيلية.
أما الحقيقة الثانية فجُغرافية بمُستند الخريطة ولا يُمكننا التغاضي عنها بأي حال وفي الأهم الحقيقة الثالثة عملية تصوير فيلم عماشة في الأدغال وتاريخ عرض الفيلم علانية للجمهور المصري والعربي وهي تواريخ راسخة في سجلات إنتاج أفلام السينما المصرية العريقة.
ذكريات شخصية حقيقية
لقد احتفظت لنفسي طيلة الوقت بالعلاقة الإنسانية مع الذكريات الشخصية في رفقة البطل الراحل اللواء مُحمد نسيم (قلب الأسد) الذي عملت على مقربة منه خلال الجزء الثاني ثم الثالث من المُسلسل المصري الخالد (رأفت الهجان).
عندما شرفت كمُساعد لتوثيق المادة العبرية مع الأُستاذ (صالح مُرسي) ومن تلك البيانات سأحكى لكُم رُبما حقائق لم يكتُب عنها قبلي أي كاتب بالعالم وهي مجموعة حقائق مُجردة وردت على لسان (قائد العملية) الأصلية قلب الأسد نفسه رحمة الله عليه.
أسرار عملية الحاج
تسلمت القاهرة من إحدى محطات المعلومات المصرية في بداية شهر يناير عام 1970 معلومات مؤكدة أن شركة إسرائيلية تُدعى (ميدبار) ثُلاثية الجنسية إسرائيلية – أمريكية – بريطانية تعاقدت مع شركة (إيني) الإيطالية عملاقة مشروعات أبار البترول العالمية على إدارة وتشغيل حفار مُتقدم اسمه Kenting 1)).
وأنها بصدد إرساله إلى منطقة خليج السويس لاستخراج البترول الخام من الآبار المصرية المُحتلة مُنذ 5 يونيو عام 1967 لحساب دولة إسرائيل على مرأي ومسمع من العالم الذي تجاهل بقصدٍ سافرٍ الرفض والتنديد السياسي المصري الرسمي بكافة المحافل الدولية.
صدرت تعليمات الرئاسة المصرية للرئيس جمال عبد الناصر واضحة بمنع وصول الحفار الإسرائيلي الذي قطرته قاطرة بحرية هولندية الجنسية رفعت العلم الكندي مع توقيفه بأي ثمن خارج الحدود المصرية في نُقطة مُناسبة خلال رحلته من كندا إلى خليج السويس عبر الطريق البحري المعروف باسم (رأس الرجاء الصالح) بالمُحيط الأطلسي.
عليه أُسندت العملية إلى أكفأ ضُباط العمليات المصرية وكان مُحمد أحمد نسيم (قلب الأسد) الذي حقق أثناء خدمته السرية نجاحات ميدانية ما زالت تُدرس حتى يومنا هذا وكان ناصر قد طالب بنفسه جهاز معلوماته بإسنادها إلى قلب الأسد.
وافق مُدير الجهاز المصري يومها السيد (أمين هويدي) الذي مارس مهامه من يوليو عام 1967 إلى نهاية عام 1970 وكخطوة عمليات احتياطية روتينية وضع قلب الأسد نُصب عينيه احتمالات مُمكنة لفشل تدمير الحفار حيث فكر وحسب لكافة التوقعات والاحتمالات.
وفي الواقع كان لتسمية (الحاج) أسباباً قوية لأن الاسم شائعاً للغاية في غرب إفريقيا بل يُستعمل كلقب قبل الأسماء العادية حتى يومنا هذا أما بالنسبة لاحتمالات الفشل فالخطة الرئيسية هدفت لتدمير الحفار خارج الحدود المصرية قبل وصوله إلى البحر الأحمر.
لذلك كان الكمين الأول في ميناء (مصوع) السوداني أما الكمين الثاني فكان تخطيط لعملية قصف جوية خاطفة من إحدى القواعد الجوية المصرية في الغردقة أي قبل وصول الحفار لخليج السويس.
وبسبب الإشارة إلى الشخصية العظيمة للسيد أمين هويدي فمن الثابت أنه عمل كمدرس في المدرسة (الكُلية) الحربية
توفي أمين هويدي في31 أكتوبر عام2009في مستشفى “وادي النيل”بحي (حدائق القبة) وشيعت جنازته بعدصلاة ظهرنفس اليوم في جنازة عسكرية رسمية من مسجد القوات المسلحة وحضر الجنازة عدد من كبار قادة القوات المسلحة وكبار رجال الدولة وتلاميذه وأصدقائه وأسرته.
بداية عملية الحاج
في البداية سافر قلب الأسد من القاهرة إلى لواء الصاعقة البحرية الضفادع البشرية في أبي قير بمدينة الإسكندرية واختار بنفسه أربعة عناصر كانت على التوالي:
رائد خليفة جودت قائداً لمجموعة الضفادع الموكل إليها تنفيذ تدمير الحفار
ملازم أول حُسني الشراكي ضابط عمليات
مُلازم أول محمود سعد ضابط عمليات
ضابط صف أحمد المصري مُساعد عمليات
والمجموعة كُلها تحت قيادة مُحمد نسيم
سرية العملية
المُثير نظراً لسرية العملية لم يكشف قلب الأسد أسرار الحفار حتى لمجموعة التنفيذ فأبلغهم أنها عملية روتينية لتدمير (سفينة تُجارية) مُتوسطة الحجم بواسطة أربعة ألغام بحرية عادية وأن ترتيبات التنفيذ لن تختلف عن مثيلاتها خلال العمليات الخاصة ضد السواحل المُعادية.
في الخلفية علم قلب الأسد قائد (عملية الحاج) أن الحفار سيصل إلى ميناء مدينة داكار في دولة السنغال عصر الاثنين الموافق 12 فبراير عام 1970 وكان وقتها مُتواجداً بالعاصمة الفرنسية باريس من أجل توفير المُعدات اللازمة للعملية مع التأكُد من المعلومات النهائية لخط سير الهدف الثمين فأرسل للقاهرة برقية شفرية من سطر واحد ورد فيها التالي:
(السيد مُحمد عزيز مصري أرسل البضائع لعنوان ض.ب لسنج فوراً الحاج لن ينتظر ونتحمل غرامة التأخير).
ولو قمنا بتفكيك حروف اسم المعنون إليه في البرقية لوجدنا أن تجميع أول حرف من كُل اسم يُنتج (معم) كان موجاً لجهاز المعلومات المصري وأن العنوان احتوى على الضفادع البشرية والسنغال وكود العملية (الحاج) والتحذير أن التأخير سيؤدى إلى فقد أثار الهدف.
ونظراً لعدم توافر خطوط جوية مدنية مُباشرة بين القاهرة والسنغال تلك الأيام وللمزيد من التمويه طار فريق الضفادع البشرية على الفور إلى باريس تحت هوية فنيين تشييد كباري ومشروعات هندسية كما حمل قلب الأسد هوية مقاول مشروعات هندسية ذو خبرة طويلة وصل لتقديم طلب مُشاركة بمُناقصة حكومية روتينية.
بعدها بحوالي 24 ساعة كان فريق الضفادع قد وصل إلى داكار وانتظر الفريق المصري بصمت تام التعليمات النهائية من قلب الأسد لكن الأخير ألغى العملية في ليلة التنفيذ بعدما توقفت قاطرة الحفار بداخل حوض بحري كان على مسافة 50 متراً من القاعدة البحرية العسكرية الفرنسية التي غطت أبراج المُراقبة والحراسات فيها كُل المنطقة في مُحيط 5 كيلو متر مُربع.
وعليه عاد الفريق صباح اليوم التالي على نفس الطائرة الفرنسية إلى باريس بعدما اختلقوا مُشكلة مع مكتب تسجيل المُناقصات الحكومية السنغالية ثم اعترضوا على الرسوم المُبالغ فيها لتسجيل طلبهم حيث بدا الأمر طبيعي للغاية.
بينما بقى قلب الأسد وحيداً وأمضى في داكار عيد الأضحى المُبارك بعدما فشل في اللحاق بالطائرة الفرنسية التالية التي توقفت لعُطل فني طارئ في المغرب ويومها اشترى خروفاً حكى لي أنه كان أرخص خروف أُضحية في حياته وأنه فكر ذلك اليوم في امتهان تجارة المواشي الإفريقية الرخيصة عقب خروجه من الخدمة.
وبالفعل ساعد بعدها بكُل حُب وود الرئيس السادات في فترة التجهيز لحرب أكتوبر لتوفير اللحوم الإفريقية لمصر من السنغال مع أنه كان وقتها قد غادر الخدمة السرية الرسمية في مايو عام 1971 بعدما انضم إليها في عام 1956 مع المجموعة العظيمة التي شكلت جهاز الاستخبارات الأول والأهم في التاريخ المصري الحديث.
الحفار يُغادر السنغال
بعد يومين عاد قلب الأسد إلى القاهرة وبدأت الأعصاب تتوتر وكان الوقت يضيق بعدما اختفت في عرض المُحيط الأطلسي أثار قاطرة الحفار التي رافقتها عناصر من مؤسسة الاستخبارات والمهام الخاصة جهاز الموساد الإسرائيلي.
حتى كسرت الجمود معلومة قدمها بحار إفريقي مُتعاون أكدت على وجود عُطب في جسد القاطرة الهولندية ظهر في داكار بالسنغال وأن خط سير الحفار سيُجبره حتماً على التوقف للإصلاح وللتزود بالوقود والمؤن في حوض بميناء أبيدجان دولة ساحل العاج في محطته التالية على المُحيط الأطلسي حيث قطع الغيار المُستوردة التي لم تكُن متوافرة في السنغال موجودة بكثرة بساحل العاج وبالفعل ظهر الحفار عصر الاثنين الموافق 2 مارس 1970.
فسابق قلب الأسد الزمن من القاهرة إلى باريس ومنها إلى ساحل العاج وفي الساعة 7 ونصف مساء 7 مارس 1970 لحق به فريق الضفادع المصرية ولكن بهويات مُختلفة لمجموعة تصوير مُحترفة مُتخصصة في توثيق الحياة البرية وأفلام الأدغال.
وكانت حركة سوق الإعلام العالمي لإنتاج تلك النوعية مطلوبة للغاية في أوروبا واعتادت مطارات ساحل العاج كغيرها من مطارات الدول الإفريقية على استقبال أطقُم المصورين الأجانب من مُختلف الجنسيات مع أدواتهم لذلك الغرض.
وكأن السماء قد ساعدت في تمويه الظروف بالصُدفة البحتة وصل فجأة إلى أبيدجان فريق من رواد الفضاء الأمريكيين لتلبية زيارة خاصة ومعهم مجموعة كبيرة من المصورين من مُختلف وسائل الإعلام العالمية فأصبح تواجُد فريق المصورين المصري بديهياً للغاية.
راقب قلب الأسد من الساحل وبقارب سريع في أول ليلة موقع الحفار وتابع أسلوب حراسته بمُساعدة عناصر سرية عملت في مقر السفارة المصرية في ساحل العاج حيث جمع بيانات احتاجها لإصدار أمر تنفيذ العملية الأخير.
حدد قلب الأسد موعد التنفيذ في مُنتصف ليلة الأحد الموافق الثامن من مارس عام 1970 وبالفعل نقل فريق الضفادع في سيارة فان صغيرة وبداخلها أربعة ألغام بحرية مع أدوات الغطس التي ستُستخدم.
عملية إلهاء العيون
قبلها اتفق قلب الأسد في الصباح مع مجموعة من الصيادين على الاحتفال بعيد زواج زوجين نرويجيين بعيداً عن موقع العملية التي كانت على مقربة من غابة نباتات كثيفة وأحضر للصيادين أربعة صناديق من الألعاب النارية وطلب إطلاقها تباعاً الساعة 12 منتصف الليل تماماً.
وكان قلب الأسد قد تعرف على زوجين عجوزين في الفُندُق الذي حجز فيه لفريق العملية وعلم منهما أنهما قدما إلى أبيدجان في ساحل العاج لتمضية إجازة زواج عقب قصة حُب ساخنة بعدما عاشا وحيدان لسنوات طويلة فقرر استغلال الموقف لصالح التمويه للعملية.
وبالصُدفة الغريبة كان قلب الأسد يحتفل هو الآخر بمُناسبة هامة في حياته الشخصية بالإضافة إلى عيد مولده الثالث والأربعين وفي نفس التوقيت كانت نساء ساحل العاج تحتفلن مُنذ الصباح الباكر بمراسم (كرنفال) يوم المرأة العالمي.
بالفعل بدأت الصواريخ النارية تُطلق بكثافة فغادر ضُباط الموساد الإسرائيلي الحفار الذي رسا على مسافة 400 متراً من الشاطئ في قارب سريع في اتجاه مصدر إطلاق الألعاب النارية لاستبيان التهديد وبنفس اللحظة كانت الضفادع البشرية المصرية تخرج من الغابة تحت جُنح الظلام باتجاه الماء حيث مرساة قاطرة الحفار الهولندية وعلى عُمق متر واحد أسفل قاطرة الحفار ثبتوا الألغام الأربعة وخرجوا مُسرعين من موقع الهدف قبيل ظهور رجال الموساد ثانية في قاربهم السريع الذي مسح المكان.
في هذه اللحظة مع عودة بعض الصيادين شاهدوا خيالات غريبة تخرُج من المياه على الشاطئ بالقُرب من الغابة فهربوا اعتقاداً منهم بسبب مظهر الضفادع البشرية أنهم من العفاريت والجان وكانت تلك القصص الغريبة وما زالت ليومنا هذا تملئ إفريقيا كُلها.
خشى قلب الأسد من اكتشاف أمر فريق العملية مع عودة حُراس الحفار الإسرائيليين وكان الاتفاق مع الضفادع المصرية أن يتركوا بموقع العملية لكن بعيداً عن مرساة الهدف الثمين بعض الأدوات التي استخدموها أثناء التنفيذ واتضح أن هدف التصرُف كان ترك البصمات المصرية كي يُدرك العالم أن مصر قادرة على الوصول إلى أي مكان للدفاع عن قضيتها.
في الساعة السادسة صباحاً ومع بزوغ أول ضوء للنهار على سطح المُحيط الأطلسي هزت الانفجارات المُتتالية مدينة أبيدجان النائمة بقوة عنيفة وكان قلب الأسد قد تأكد من نجاح كُل الترتيبات مع اجراءات التنفيذ الروتينية.
في الفُندُق استيقظ فريق العملية (المصورون المحترفون) بشكلٍ طبيعي أمام النُزلاء وإدارة النُزُل وتناولوا الإفطار ثم انطلقوا إلى عملهم الذي حضروا من أجله لتصوير أدغال ساحل العاج وبعد 24 ساعة اختفى الفريق تماماً ما عدا قلب الأسد الذ دفع الحساب وحجز لنفسه حتى آخر الأسبوع حيث بقى وحيداً في أبيدجان دون خوف لتأكيد تدمير (الحاج).
جابت السُلطات الأمنية لساحل العاج موقع تدمير الحفار الذي مال على جانبيه وأُصيب بعطبٍ جسيمٍ استحال معه استكمال رحلته حتى عثروا مثلما خطط قلب الأسد مع العقول التي دبرت للعملية في القاهرة على الأدوات التي تركها فريق العملية بالقصد منها عدد ثلاثة بطارية كشاف مُصمت يعمل تحت الماء مع عدد ثلاثة أزواج زعانف أقدام غطس صناعة إيطالية.
كما عثرت فرق البحث الأمنية في ساحل العاج على ثلاث نظارات غطس مُحترفة ألمانية الصُنع وجهاز لاسلكي ياباني المنشأ وعدد 2 لوح حديد (بار) حمل عليها المنفذون الألغام الأربعة التي استُخدمت في عملية تفجير الحفار وهو ما نشرته الصُحُف المحلية في ساحل العاج عقب العملية بالفعل.
بينما تُركت البصمة المصرية للعملية بمكان غريب في الأدوات التي خلفتها الضفادع داخل البطاريات الداخلية للكشافات اليدوية كانت الوحيدة مصرية الصُنع ومنها علم العالم جنسية المنفذين وبواسطتها وصلت الرسالة أن مصر العظيمة قادرة على نوعية العمليات المُركبة التي لا يقدر عليها سوى أعتى أجهزة المعلومات الكُبرى على مُستوى العالم.
في ظُهر الحادي عشر من مارس 1970 عاد قلب الأسد مع السيارة الفان البيضاء لشاطئ العملية لكنه تلك المرة لم يُغادرها وراح يلتقط من داخلها من ربوة مُرتفعة عشرات الصور للحفار الإسرائيلي الغارق جُزئياً بعمق المياه من عدة زوايا بعدسة كاميرا غريبة مقربة في يده أكد فيلمها المُتحرك تدمير الحاج.
وعلى الطريق توقف قلب الأسد بجوار سيارة سارت في الاتجاه العكسي لثواني سلمها الكاميرا كاملة ثم اتجه مُباشرة إلى المطار واستقل طائرة الخطوط الجوية الفرنسية إلى العاصمة باريس ومنها في نفس الليلة فجراً إلى القاهرة المُنتصرة ليحتفل وأبطال جهاز المعلومات المصري بنجاح أبرز العمليات البحرية الخاصة بتاريخ أجهزة الاستخبارات العاملة على مُستوى العالم.