عبد الرحيم علي
صدعتنا نخبة يناير الفاشلة بمقولاتها حول الديمقراطية، ردحًا من الزمن، حتى بتنا نعتقد أنهم ديمقراطيون يمشون على الأرض، ليسوا بشرًا مثلنا، ولكنهم عندما تعرضوا لاختبار حقيقى أطاح بأحلامهم وطموحاتهم فى دخول البرلمان وجدناهم يهيلون التراب على كل تلك المقولات، مرددين كلامًا تافهًا حول حجم الحضور وكثافته وما حدث خارج اللجان، يحاولون- على استحياء تارة وببجاحة تارة أخرى- أن يجهضوا فرح المصريين بما حققوه من استكمال لخارطة المستقبل، وميلاد مجلس نيابى عبر انتخابات هى الأنزه عبر التاريخ المصرى، باعتراف القاصى والدانى.
تعلمون جميعًا تقييمى الخاص لمقولات وتويتات رجل الأعمال «نجيب ساويرس»، لكن ما شد انتباهى أنه- لأول مرة- يلوح بكلمات غاية فى الدقة والمهارة، عندما ذكر فى إحدى تويتاته عقب انتهاء الجولة الثانية من الانتخابات، أن جميع من يهاجمون العملية الانتخابية ذكروا كل شيء عن المال السياسى وخلافه، ولكنهم لم يذكروا شيئًا عن فشلهم، حقيقة دامغة يجب على النخبة التى ملّها الشعب ولم يسترح لمقولاتها وأطروحاتها أن تواجهها، فلم يعد أحد يسمع لهم أو يقتنع بما يقولون، بعد أن أثبتوا أنهم يعملون لمصالحهم الخاصة ومصالح من يعملون لهم. ووفق أغنية «بهية» الرائعة التى كتب كلماتها الشاعر الفذ «محمد حمزة»، ولحنها العبقرى «بليغ حمدى»، وصدح بها الراحل «محمد العزبى».
«اللى فى عنيها ما لقاش مودة.. ظلم الصبية وراح وقال».. فقد راحوا جميعًا يتقوّلون على العملية الانتخابية والبرلمان وأعضائه الجدد عندما لم يجدوا لهم نصيبًا فيه، يصطادون كلمة هنا وهنة هناك تساعدهما على إهالة التراب على ما حققة المصريون دون أن يواجهوا- أولاً وأخيرًا- حقيقة أنهم فشلة، يأتون فقط بالاختيار، كما حدث فى لجنة الدستور وغيرها من اللجان التى كانوا يوزعون عضويتها على بعضهم البعض، ولكن عندما يعطى الشعب حقه فى الاختيار فلا يجدون لهم مكانًا فى قلوب المصريين، هذه الحقيقة يجب أن تدركها نخبة العار قبل أن يثور الشعب مرة أخرى، ولكن فى هذه المرة على ممارساتهم ومحاولاتهم إهالة التراب على كل مكسب حقيقى يحققه المصريون.
صحيح «اللى اختشوا ماتوا».. فها هو كاتب برع فى تقديم «البرادعى» للجماهير المصرية، وهو يعلم مدى خيانته للمصريين وانتمائه الأمريكى المحض، ومشاركته فى المؤامرة الكبرى على هذا البلد الأمين، يطلع علينا كل يوم فى جريدته التى لا يقرأها سواه، ليروج الأكاذيب حول البرلمان ودوره فى المرحلة المقبلة، لا لشيء إلا لأن كل من دعمهم وسار معهم فى النوادى والشوارع يدعو لهم بين الناس فى «الدقى وإمبابة» فشلوا فى الحصول على ثقة الشعب المصرى، وعوضًا عن الاعتراف بالفشل الذى طاله هو أيضًا إذ لم يعد أحد يعير شيئًا لكلامه، سواء على شاشة فضائية «القاهرة والناس» أو فيما يكتبه ويقرأه بمفرده، راح يهيل التراب على أحلام وطموحات المصريين، وآخر يدعى زورًا وبهتانًا أن الرئيس حزن للخيبة التى طالت أحد مرشحى النخبة الفاشلة فى «الدقى والعجوزة»، وهكذا وببجاحة يحسد عليها يزج باسم الرئيس، ولمَ لا؟ أليس هؤلاء هم من اخترعوا الحديث عما يدور فى المكالمات السرية بين الرؤساء وإذاعتها وكأنها معلومات موثقة، حتى باتوا أضحوكة الوسط الصحفى لسنوات طويلة، وتسببوا فى غلق تلك الصحف التى كانوا يترأسون تحريرها بعد إعلان إفلاسها بسبب فقدان المصداقية؟
إنها مأساة حقيقة، تلك التى تعيشها نخبة العار، ولكنْ عزاؤنا الوحيد أن الشعب المصرى العظيم كشف زيفهم وعرّاهم، فباتوا مفضوحين لكل ذى عينين فى ربوع المحروسة كافّة